الى الأم التى تعبت ولم تنتظر الجزاء::
ترى وجهها فيذكرك بقسوة الايام
تجاعيد ذلك الوجه تنبيك عن تلك القسوة التى عاشت زمنها دون كلل ولا ملل
عيناها.. تظهر كل منهما وكأن الدموع لا تفارقها..
ثمة خيوط سوداء تبدو على وجنتيها الذابلتين وكأنها مجرى سيول.
.دائما تحلق بعيدا حتى وهى تحاور الناس تلتفت الى شىء بعيد وكأنها تبحث عن ضالتها فى صحراء الحياة
صوتها ضعيف واهن او ربما اضعفه كثرة نحيبها
جلست فوق الاريكة فى زاوية غرفتها.. اخذت تجول فى ذكرياتها المفعمة بالآلام وسبل الشقاء
لكم هو الماضى مؤلما ولكم ضيعت قسوة الايام بلسم حياتها ولكم اذبلت تلك القسوة زهرة شبابها
تذكرت ايام ان كانت تستيقظ فى كل صباح مع صوت الاذان.. وبعد ان تصلى تبدا فى تجهيز احزمة الجرجير وخضرواتها ثم تجففها لتذهب بها الى السوق فتبيعها لتشترى قوات اولادها الصغار
كانت الحياة قاسية.. قاسية حقاً.. فبرودة الشتاء تكاد تصل الى عظامها فتشعرها ان نوعا من الشلل اصاب ساقيها بيد ان ذلك لم يكن ليثنى عزيمتها عن مهمتها فى الحياة
وبعد رحلة ترتسم بشدة القسوة وتتلون بقسوة الشدة ترجع كل يوم حاملة زاد اولادها وهى تحاول ان ترسم البهجة على بقايا شبابها المتحطم
لم تكن يوما لتشعر ابناءها بالامها فلقد عزمت ان تعيش لهم بعد رحيل زوجها وان تخدمهم بعيونها وان تضحى لهم ومن اجلهم بروحها
كانت تنهيداتها تخرج وكأن بركانا من داخل وجودها يوشك على الانفجارلم تكن يوما تتخيل ان ذلك سيصبح بلا قيمة يوما ماولم يخطر ببالها ان تضحياتها العظيمة سترحل مع اوراق الشجر حيث لاقيمة لاوراق يابسة تهوى وترحل وتذروها الرياح
*آه.. لكم هى حياة بائسة
لكم يموت المرء كل يوم الف موته اذا اصبح الوفاء سلعة كاسدة وتجارة بلا تاجر
لم تتخيل يوما ان ابنها سيصبح عاجزا عن الدفاع عنها امام زوجته الماكرة وسينسى نضال امه العظيمة وكفاحها ليصل الى ما وصل اليه
كانت دائما ورغم انها لم تحظ بتعليم كاف تتذكر قول الشاعر: لولا وفاء الناس فيما بينهم لغدوا على سوء الطباع ذئابا
وبينما هى غارقة فى ذكريات الماضى وحقائق الواقع الاليمين طرق الباب وأشارت بالدخول..
كان يسير عثرا فى خطواته.. مترددا فى كلماته يبدأ فى الحوار ثم يصمت ليعود الى حواره الذى لا يظهر منه الا بعض الكلمات الغامضة
وفى لحظة استجمع قواه وقال بصوت ضعيف باهت:
أمى.. اعذرينى فانا مضطر الى ان اصطحبك الى دار المسنين فقد استحالت العيشة بينى وبين زوجتى وهذا هو الحل
هذه الازمة..
لا تحزني فليس الا بضعة ايام وساعود بك الى هنا فقط بضعة ايام فقط
نهضت صامتة واتجهت الى دولاب ملابسها ودموع الحسرة تبلل ما بين تجاعيد وجنتيها وفى صوت حشرجى اجابت: هيا يابنيّ
كانت الأمطار شديدة والسماء ملبدة بالغيوم.. والظلام يكاد يخيم على كل شىء
ولأن دار المسنين قريبة من دارهم اخذها سيرا على الاقدام..بين الوحل وماء المطر.. والبرق يزفه بخيبته الى اثمه الاعظم
كانت كلماته باهتة تشعر فى ثناياها بالخزي الذي اصابه
كما وعدتك يا امي فقط بضع ايام وساعود بك الى الدار
أجابته: لا عليك يابني لكن لا تنس ان تذهب لتأتى بزوجتك الى دارها من بيت ابيها وتصالحها
عاد الى منزله بعدما أودعها دار المسنين واستلقى على سريره واخذ يفكر فى حاله وحال أمه وشعر ببعض الندم على فعلته
كانت اصوات البرق تختلط باصوات الرياح فتمتزج بافكاره فتزعجه أيّما ازعاج.. والريح تشتد وتشتد والبرد يكاد يقتله وبعض الامطار تدفعها الريح اليه فتلفح وجهه بينما هو عاجز عن الحركة والدفاع
وبينما هو على حالته لمح شبحا يتحرك هنا وهناك وبعد دقائق شعر بأن الدفء ساد داره وصوت البرق قد خفت وشيئا من
الأمن سرى فى أوصاله
نهض من مكانه وسأل: من هناك؟أجابه صوت نديّ معتاد: انا أمك يا بني تذكرت انك ستنسى شبابيك غرفتك مفتوحة فخفت عليك برد الشتاء
ترى وجهها فيذكرك بقسوة الايام
تجاعيد ذلك الوجه تنبيك عن تلك القسوة التى عاشت زمنها دون كلل ولا ملل
عيناها.. تظهر كل منهما وكأن الدموع لا تفارقها..
ثمة خيوط سوداء تبدو على وجنتيها الذابلتين وكأنها مجرى سيول.
.دائما تحلق بعيدا حتى وهى تحاور الناس تلتفت الى شىء بعيد وكأنها تبحث عن ضالتها فى صحراء الحياة
صوتها ضعيف واهن او ربما اضعفه كثرة نحيبها
جلست فوق الاريكة فى زاوية غرفتها.. اخذت تجول فى ذكرياتها المفعمة بالآلام وسبل الشقاء
لكم هو الماضى مؤلما ولكم ضيعت قسوة الايام بلسم حياتها ولكم اذبلت تلك القسوة زهرة شبابها
تذكرت ايام ان كانت تستيقظ فى كل صباح مع صوت الاذان.. وبعد ان تصلى تبدا فى تجهيز احزمة الجرجير وخضرواتها ثم تجففها لتذهب بها الى السوق فتبيعها لتشترى قوات اولادها الصغار
كانت الحياة قاسية.. قاسية حقاً.. فبرودة الشتاء تكاد تصل الى عظامها فتشعرها ان نوعا من الشلل اصاب ساقيها بيد ان ذلك لم يكن ليثنى عزيمتها عن مهمتها فى الحياة
وبعد رحلة ترتسم بشدة القسوة وتتلون بقسوة الشدة ترجع كل يوم حاملة زاد اولادها وهى تحاول ان ترسم البهجة على بقايا شبابها المتحطم
لم تكن يوما لتشعر ابناءها بالامها فلقد عزمت ان تعيش لهم بعد رحيل زوجها وان تخدمهم بعيونها وان تضحى لهم ومن اجلهم بروحها
كانت تنهيداتها تخرج وكأن بركانا من داخل وجودها يوشك على الانفجارلم تكن يوما تتخيل ان ذلك سيصبح بلا قيمة يوما ماولم يخطر ببالها ان تضحياتها العظيمة سترحل مع اوراق الشجر حيث لاقيمة لاوراق يابسة تهوى وترحل وتذروها الرياح
*آه.. لكم هى حياة بائسة
لكم يموت المرء كل يوم الف موته اذا اصبح الوفاء سلعة كاسدة وتجارة بلا تاجر
لم تتخيل يوما ان ابنها سيصبح عاجزا عن الدفاع عنها امام زوجته الماكرة وسينسى نضال امه العظيمة وكفاحها ليصل الى ما وصل اليه
كانت دائما ورغم انها لم تحظ بتعليم كاف تتذكر قول الشاعر: لولا وفاء الناس فيما بينهم لغدوا على سوء الطباع ذئابا
وبينما هى غارقة فى ذكريات الماضى وحقائق الواقع الاليمين طرق الباب وأشارت بالدخول..
كان يسير عثرا فى خطواته.. مترددا فى كلماته يبدأ فى الحوار ثم يصمت ليعود الى حواره الذى لا يظهر منه الا بعض الكلمات الغامضة
وفى لحظة استجمع قواه وقال بصوت ضعيف باهت:
أمى.. اعذرينى فانا مضطر الى ان اصطحبك الى دار المسنين فقد استحالت العيشة بينى وبين زوجتى وهذا هو الحل
هذه الازمة..
لا تحزني فليس الا بضعة ايام وساعود بك الى هنا فقط بضعة ايام فقط
نهضت صامتة واتجهت الى دولاب ملابسها ودموع الحسرة تبلل ما بين تجاعيد وجنتيها وفى صوت حشرجى اجابت: هيا يابنيّ
كانت الأمطار شديدة والسماء ملبدة بالغيوم.. والظلام يكاد يخيم على كل شىء
ولأن دار المسنين قريبة من دارهم اخذها سيرا على الاقدام..بين الوحل وماء المطر.. والبرق يزفه بخيبته الى اثمه الاعظم
كانت كلماته باهتة تشعر فى ثناياها بالخزي الذي اصابه
كما وعدتك يا امي فقط بضع ايام وساعود بك الى الدار
أجابته: لا عليك يابني لكن لا تنس ان تذهب لتأتى بزوجتك الى دارها من بيت ابيها وتصالحها
عاد الى منزله بعدما أودعها دار المسنين واستلقى على سريره واخذ يفكر فى حاله وحال أمه وشعر ببعض الندم على فعلته
كانت اصوات البرق تختلط باصوات الرياح فتمتزج بافكاره فتزعجه أيّما ازعاج.. والريح تشتد وتشتد والبرد يكاد يقتله وبعض الامطار تدفعها الريح اليه فتلفح وجهه بينما هو عاجز عن الحركة والدفاع
وبينما هو على حالته لمح شبحا يتحرك هنا وهناك وبعد دقائق شعر بأن الدفء ساد داره وصوت البرق قد خفت وشيئا من
الأمن سرى فى أوصاله
نهض من مكانه وسأل: من هناك؟أجابه صوت نديّ معتاد: انا أمك يا بني تذكرت انك ستنسى شبابيك غرفتك مفتوحة فخفت عليك برد الشتاء
والان سأعود من حيث جئت..